ميم_ميم

وهو الشاعر: نختلف حوله و نتفق, ويظل الاقدر بشعره ان يمزق قطب الادعاء ب-"ماشي الحال" عن جروح الروح, فينزف الحنين دمعاً و دماً
من "كزهر اللوز و ابعد..", هذه لك: لك انت حيث انت, لك حيثما قد تكون
::
أعطنا يا حب, فيضك كله لنخوض
حرب العاطفيين الشريفة, فالمناخ ملائم
والشمس تشحذ في الصباح سلاحنا
يا حب! لا هدفٌ لنا الا الهزيمة في
حروبك...فانتصر, انت انتصر, واسمع
مديحك من ضحاياك: انتصر! سلمت
يداك! و عد إلينا خاسرين...,سالماً! مممم
"فرحاً بشيء ما"
::
الان بعدك...عند قافية مناسبة
ومنفى, تصلح الاشجار وقفتها و تضحك
انه صيف الخريف...كعطلة في غير
موعدها, كثقب في الزمان, وكانقطاع
في نشيد
صيف الخريف تلفت الايام صوب حديقة
خضراء لم تنضج فواكهها, وصوب حكاية
لم تكتمل: ما زال فينا نورسان يحلقان
من البعيد الى البعيد
الشمس تضحك في الشوارع, والنساء
النازلات من الاسرة, ضاحكات ضاحكات,
يغتسلن بشمسهن الداخلية, عاريات عاريات
انه صيف الخريف يجئ من وقت اضافي
جديد
صيف الخريف يشدني و يشدك: انتظرا! ممم
لعل نهاية اخرى و اجمل في انتظاركما امام
محطة المترو. لعل بداية دخلت الى
المقهى ولم تخرج وراءكما. لعل خطاب
حب ما تأخر في البريد
الان, بعدك ... عند قافية ملائمة
ومنفى ... تصلح الاشجار وقفتها و تضحك
اشتهيك و أشتهيك و انت تغتسلين
عن بعد, بشمسك. انه صيف الخريف
كعطلة في غير موعدها. سنعلم أنه
فصل يدافع عن ضرورته, وعن حب
خرافي...سعيد
الشمس تضحك من حماقتنا و تضحك
لن أعود و لن تعودي! ممم
"الآن بعدك"
::
صغير هو القلب...قلبي
كبير هو الحب...حبي
يسافر في الريح, يهبط
يفرط رمانة, ثم يسقط
في تيه عينين لوزيتين
ويصعد من فجر غمازتين
وينسى طريق الرجوع الى بيته و اسمه
صغير هو القلب...قلبي
كبير هو الحب
"منفى-1"
::
سأمشي خفيفاً, خطاي على الريح
قوس تدغدغ أرض الكمان
سأسمع نبض دمي في الحصى
وعروق المكان
سأسند رأسي الى جذع خروبة
هي أمي, ولو انكرتني
سأغفو قليلاً, ويحملني طائران صغيران
أعلى و أعلى...الى نجمة شردتني
سأوقظ روحي على وجع سابق
قادم كالرسالة من شرفة الذاكرة
سأهتف: ما زلت حياً لأني
أشعر بالسهم يخترق الخاصرة
"منفى-2"
::
واصرخ لتسمع نفسك, واصرخ لتعلم
انك ما زلت حياً و حياً , وأن الحياة
على هذه الارض ممكنةٌ.فاخترع أملاً
للكلام, ابتكر جهة او سراباً
يطيل الرجاء
وغنَّ, فإن الجمالي حرية
أقول: الحياة التي لا تُعرف إلا
بضد الموت...ليست حياة
.
.
.
.
.
وقال: اذا متُ قبلك
أوصيك بالمستحيل! مممم
سألت: هل المستحيل بعيد؟
فقال: على بعد جيل
سألت: وإن مت قبلك؟
قال: أعزي جبال الجليل
واكتب: "ليس الجمالي الا بلوغ
الملائم".والان, لا تنس: مم
إن مت قبلك, أوصيك بالمستحيل
"منفى-4"

اعتراف متأخر


وأنت حين مشيت, لم يكن ذاك صوت خطاك الذي يخف وقعه كلما ابتعدت بالطريق عني, بل نبض قلبي الذي ذهب معك مني






وأنا بدي أعيش وبدي ضل قاعد على قلوبهم

وهذا الموقف المشهر يقوي القلب و الروح و يشد العزم على ان نمضي الى يوم اخر من غبار المعارك التي
تطحن وجودنا كي نكون, او لا نكون
نريد ان نعيش:نحن الذين على اهبة المجازر التي تتربص بنا في الخارج, وانتم على اهبة الديموقراطية التي تتنعم بوجودكم في الداخل المحتل لتمثل للعالم تقدمية يفتقرها شرقنا الجزين
وأنا اريدك ان تعيش , ونعيش, وتعيش بلادنا: قاعدة في قلوبنا وداعسة في قلوبهم
لك محمد بكري, ولناسنا الجميلين بصدقهم مثلك, حتى حين تعبق ذاكرتهم بهول المجازر المتعاقبة, اليوم و كل يوم: قلبي معكم و سلامي لكم يا اهل الارض المحتلة

أكثر من روزنامة لأيلول الحزين


اعياد ميلاد من لم يعودوا موجودين للاحتفال بها اصلاً, شموعهم بردت, ودمهم فارق الصهيل


قلوب انكسرت على وقع تكسر النصال على اوردة الاحبة, ونبضها بات عويلاً صامتاً يحز الروح يحزها يحزها, ولا تنزف وجعها مواويلاً في المدى وفضاءات الحنين


ارقام لضحايا فورات العنف و التربية الوحشية على الانفة الغبية, وتمر الذكرى تلو الذكرى تلو الذكرى, وثمة عشاق صغار يكبرون على وعد الفرح الآتي من دمهم المجيد


صوت موسيقى كان يحبها, وهو ذهب و ظلت الآلات تنشد الحان وفائها المديد


بسم الأمة تخفت و تخفت قليلاً قليلاً حتى يُرجع صوت الحجر صداها عالياً هاداراً


اسمائهم التي انطبعت في الروح, والعين تردد, كما القلب, الاغنية_ الجنازة: لا بعرفهن ولا شايفهن


كلهم لأيلول
كلهم في ايلول
وبعد اكثر لأيلول

::
هو ايلول
هو ايلول: لا ايامه الثلاثون تكفي احداثه, ولا اوراق تتساقط من ضمة حياتنا تغطي مساحة الاصفر الذي يخلفه في الروح




هو ايلول: لا ورد لخريف يؤذن له,لا اغنية ولا حداء ولا عويل لمهرجانات الألم التي يزوبعها في الاعصاب , ولا يأتيها التعب الى بعد حين, ولا ابتسامة تخسف بعضاً من هامة حزنه العالي


هو أيلول:لأيام السنة ال 335 روزنامة , ولأيامه وحدها روزنامة اخرى, بأرقام تتعدى الخانتين الى اعمار تتعتق في الحزن الجميل

برسم القهر

ماذا حين تحتاج نفساً عميقاً, وليس من هواء حقيقي ؟

وحين تريد ان تشهر للسماء طيارة ورق تحملها بعض روحك, وليس من سعة في الازرق؟

وحين تريد ان تذوب بعض صديد قلبك في البكاء و حتى عيونك تبخل عليك بملح الدموع؟

تنقهر, تكاد تموت بجلطات متلاحقة بسبب القهر

وفي لحظات, تتقهقر امام ذاتك حد الانفجار اشلاء اشلاء : اشلاء لا تشبه بعضها و لا تشبهك, كي لا تدرك حجم خيباتك المديدة


ومع ذلك: تربي الامل التاريخي العناد فيك بصبر فظيع, وتقول للوجه الذي يداهمك في مرايا الروح: لا انكسر

الآن هنا

الآن: على هذه الارض "القفرا نفرا" التي لا يكسر صديد الرمل فيها ولا بحر و لا بحيرات

والآن: في هذا البعاد الذي اخترته حد التوجع و التفجع وحدي_حرفياً وحدي, يا وحدي_ على اشيائي الصغيرة المبللة بموج يندي القلب بماء الاحتمالات
والآن:في حضرة الاغاني العادية التي تصير فجأة مجلبة لحنين لا تريده, ويجلو حد الصفو عن الروح بعضاً مما علق فيها من غبار الايام و تراكم الاشياء الضارة التي ما تحلحلت في وقتها, برغبة منك او بقلة اهتمام

والآن:حين يهب الشوق بالروح و تنهض في العيون دموع لا تُبكى, و تُحس كأنك بكيتها حد النوم منهكاً من عدم القدرة على التنفس, ولا على المزيد من البكاء, تُحس كأنما ملحها مختلط بالمخاط طازج لاذع على اطراف شفتيك
::

هنا: حيث لا رنا تشعل الاماكن بلغة جسدها, ترقص و تتحرك فتملاً كل الزوايا فرحاً يحاول ان يداري الخيبات الكبيرة و الصغيرة


هنا: حيث لا رانيا تزرع التوقعات في القلوب البور فتنبت على ضفاف الاوردة ضحكات تعد بمحاولات جديدة كي لا يذبل الامل العنيد

هنا: حيث الاصدقاء طارئون ومستعجلون و متأهبون دوماً لهاتف جديد و انشغال اكثر فائدة من الصداقة كغاية بذاتها

هنا: حيث اعزل نفسي عن اهلي و اشياء مدينتي و اعلن_لجمهور نفسي_ الحياد على فلسطين التي تسكن مكتبي و تفاصيلي الانثوية العالية: علبة نظاراتي, قميصي المفضل و الاجمل, علب اسرار مظهري اليومي, حوائط غرفتي وعناوين كتبي ولون دمي الذي من فئة عاشقة

هنا: تصير للاشياء ابعاد اخرى, تبتعد اشياء كنت تظنها ملتصقة بروحك كأنها انت, و تكتشف على وقع صباحات غريبة ان ما كنت تظنه الابعد, هو في الحقيقة, وبرغم معاندة الجغرافيا و جوازات السفر و تكاليف بطاقات الطيران و عجقة الحجوزات المبكرة و المتأخرة, هو الاقرب اليك, اقرب اليك من جفن عينيك

::

الآن هنا:انا مسورة بالدقة البالغة و الوضوح الاغبش للاشياء في داخلي وانت حيث انت, مشغول دائماً كما احاول ان اتعود عليك, وثمة الكثير بعد احكيه و تحكيه حتى ينتهي العمر و لا ينتهي كل ما نريد قوله فعلاً, عن عمرك الذي فاتني و ما عشته قربك, وعن طفولة ما عرفتَ تفاصيل شقاواتها, وعن مصادفات غريبة وضعتنا وجهاً لوجه امام بعضنا في مدينة تقتص من عفوية ما بيننا ونقنص من هياكلها الاخلاقية المُدعاة لحظاتنا الابهى


الآن هنا: تصير لذكرى القبلة مذاقات اكثر حدة واشتهاءً, حفيف الشفاه يصير موسيقا لعالم وحدك تسمع وتصنع انغامه بشهقاتك المرشوقة اشتياقاً في المدى. الشعور برقة اللمسات تنساب حتى اسفل الظهر يشلك حتى تقرر ان الحياة قبل هذه الاصابع كانت برسم عزفهما الارتجالي على اوتار الاعصاب بوقع الخطوات المتلصصة على درج غريب. تفاصلينا تفاصيلنا نحن, نهرب منها معاً , و مهما تحاول وأحاول ان نعاند طغيانها علينا, صدقني, الأسلم و الاجمل و الاكثر هناءة لكلينا ان تترك نفسك منقاداً للاستسلام اللذيذ لسطوتها عليك

الآن هنا: بعيداً عن كل الاشياء , بعيداً بعيداً, تنبثق وحدك من بين اكوام الاشتياقات المُفترضة, تفاصيلك كلها تُصيّر العالم مكاناً ارحب للانتظار, ومساحة اجمل للحلم

الآن هنا: اوقن ان السعادات الفردية الصغيرة قادرة على التجمع في قدر اكبر يصنع "الجماعية" فأستمتع اكثر بشعور اني سعيدة بك, بالحد الادنى, بوجودك في هذا العالم, وبالحد الاعلى جداً: بوجودك في عالمي انا ووجودي في عالمك انت, وأبتسم

الآن هنا: حين ترى تبدل الامور, وقسمة الاشجار في المدن وتصاعد نبضات العشق في القلوب ذاِتها لقلوب اخرى, تبصم بكل قلبك ان الحياة عادلة جداً على طريقتها, وساخرة جداً على طريقتها, اذ كان عليّ ان اكتشف متأخرة كل هذه الاشياء التي كانت بديهية وواضحة منذ البدايةِ: فلسطين التي في روحي و دمي, قدرتي على حب اكثر الاشياء ازعاجاً بصبر لا محدود وحقيقة العديد من الاشياء وانت, الآن وهنا
::
الآن هنا: عنوان رواية للراحل الكبير عبد الرحمن منيف, واسم الزاوية اليومية للحبيب الراحل جوزيف سماحة لعدة سنوات في جريدة السفير, والآن هنا, تحيتي لروحما لا تنتقص و لا تقتنص من حرارتها_بالمرة_ حرارة الجو العالية حولي