
المدينة ليست حجارة, هي إلتباس اللذة المسروقة بشيء غامض من الصعب فك سره. الشيء الوحيد المؤكد في هذه المعادلة هو ان المدينة و العشق لا يقبلان مطلقاً بأنصاف الحلول التي نحافظ بها عادة على نفاقاتنا الداخلية
حين يُحكى عن الحاسة السادسة, يقولون انها الحدس, انها التوقع الاقرب الى اليقين فيما لا دلائل ولا قرائن و لا اشارات تدل عليه, سوى هذا الاحساس الغامض بالاشياء
ولما اسمع عن الابعاد التي يحاول العلم اكتشافها و تحديدها وترقيمها بين اول و ثانٍ وثالث و عاشر, يسرني ان ألهو بالمزج بين الفكرتين: بعد سادس
بعد ساذج ربما, بعد لطالما اهتديت به الى هزائمي الجميلة وما يحق لي ان اعتبره امام نفسي كل ما افخر به و به اعتز
::
بعدي السادس هذه الايام يحس و ينبض بإشتهاء التموضع والتواجد والتشكل في حيز صغير,صغير و بسيط و حالم جميل ربما
صغير بما يكفي ليتسع لنون جماعة تنقسم فقط على اثنين و توحدهما في فرق المسافة المعدوم
صغير بما يكفي كي يضيق على الاختلافات التي بين عالمين و طفولتين لن تلتقيا الى على احاديث الذاكرة المنخورة بالوجائع و الضحك البخيل
صغير بما يكفي كي يحتوي توحش كل الحواس في انتفاضتها على كل عقل و منطق تريد نفحة رائحة و رقة ملمس وحفيف الصوت بطرف اللسان حين يتعثر الحكي بإنفعال مباغت
صغير بما يكفي لمعالجة الحكة المزمنة في الشفاه تريد قبلة تفتح شهية الروح على الورد و الألوان و اجمل التوقعات من الحياة, وربما فقط من الاحلام
صغير بما يكفي كي ادرك, بالبعد السادس, والحاسة العاشرة و كل الملموس و المحسوس من الاشياء انه معرض للتلاشي اكثر مما للاتساع لأبعد من اللحظة, وقليلاً مما بعد اللحظة
::
هو بعدي السادس, علمني كيف اتوجع واتقوى بما يلزم كي اكون, علمني كيف افرح بالابسط من الاشياء لأعتبرها معجزات يومية تستحق الاحتفاء بها بإحتفاليات عالية من المنثور من الابتسامات و الموزع من فرح الكلام
علمني ان الهزائم الجميلة هي ما يصنع الذاكرة, كل مرة انضر و اجدد وانصع, وان كنت متخمة بها و بجمالية كل ما مر فيها
وهذه المرة, بعدي السادس_اثق به لا اثق به, ليست هذه المسألة_ينذرني بأني لن اتصاغر الى مقام ذاكرة, وان ذاكرتي انا تحديداً تستعد لاستقبال الاغلى و الاعلى من بين اجمل هزائمي