وفي تلك الليالي القاتمة, كنت كل ليلة انام_اذا نمت يعني_ وأقوم و انا افكر اذا ما كنت سأجد بيتنا بعد قائماً حين نعود
لم أكن واثقة من وجود بيتنا حين نعود, ولكن كنت مفعمة بكامل الثقة اننا سنعود
كل يوم, كنت امضي من الفجر(للنجر بحسب امي التي كادت تموت رعباً علي في تلك الايام خاصة بعدما علمت اني ذهبت الى الضاحية الجنوبية في عز جنون الحرب في 4 آب 2006) الى اجتماعات التحضير لحملة الدعم و الاغاثة التي كان تاريخ 12 آب مرصوداً لها لتنطلق الى الجنوب,وفعاليات العمل على تأمين افضل شروط الحياة للنازحين بانتظار فجر و فرج النصر الموعود
كنت اعود ليلاً, الطيران "شغال" بوقع 24 على 24, والضاحية على بعد بضعة شوارع تُسوى مبانيها بالارض بإصرار يومي عجيب, وأمي قلقة, وكل يوم علي! ان اسمع كلاماً من اخويّ عن عبثية ما أفعل : شو يعني اللي عم تعمليه هيدا وتقلقينا عليكي هو اللي رح يوقف الحرب؟
هذه الجملة كانت توجعني حقاً, وكان التعب يمنعني من محاولات البحث في تلافيف دماغي عن رد عليها حتى
استحم _لو في مي_و اترك جسدي ينهد على سرير من القلق و الكوابيس المقبلة فيما لو أغمضت عيناي حقاً
::
غداً الحملة: يوصلني سامي الى البيت في الرابعة فجراً, وسيكون علينا ان نلتقي مجدداً في السادسة و النصف في محطة البنزين التي أمنت كمية معقولة من السائل الأغلى ايام الحرب للسيارات المشاركة في الحملة (تدخل الوزير محمد فنيش وقتها لنتمكن من الحصول على ما توفر من بخيل الطاقة في تلك الايام العجيبة) بببببا
يطلب مني ان احاول النوم ولو قليلاً, فغدنا طويل و انا اصلاً متأثرة بما لا يصفه الكلام بكل ما يدور حولي
كنت قد امضيت اليومين الماضيين ابكي كلما رأيت ربيع_اغلى اغلى الاصدقاء_خلال اجتماعاتنا او على لقمة سريعة: هو سيكون في اولى سيارات الحملة, وأشد خشيتي ان يصيبه مكروه او ان اراه يموت ممزقاً بفعل صاروخ مثلاً امام نظر عيني
ادمع امام رجاء سامي, اقول له نلتقي بعد قليل, لأخرج صافقة باب السيارة ورائي لأدخل في نفق مظلم أمامي يوصلني الى درج البيت و قلق امي علي و حكي اخوتي
اجدهم نياماً, فقط امي ساهرة في السرير تنتظرني . تشهر صحوها وقلق عينيها عليّ, اطمئنها اني بخير انما بحاجة للاكل, لا تسألني شيئاً, فقط تعلمني :الاكل بالبراد, و في مي, تحممي و نامي شوي
::
لا استحم, متعبة حداً لا يعرفه الكلام, ولا تكفي الارض بدائريتها لو اُعِدت لي لارتاح
اكل شيئاً لا اذكره الان,و اجلس في العتمة
افكر ببيتي: هل اعود؟
منذ ايام, ذهب اسماعيل و مريم الى صور, قطعا نهر الليطاني سيراً و سباحة ومشيا من القاسمية الى صور, وناما في بيتي
سقت مريم زريعة امي, و سألتهما اذا ما كان بيتنا بعد بيتنا, اسماعيل داعب دموعي بفلسطينيته الحبيبة على الهاتف: ولك اه بيتكو منيح, بس شو عليكي تنظيف لترجعي
ونضحك, نضحك برغم الدمع و شدة الحنين الذي يمزعني لما هو لنا: انا و امي و اخوتي وابي, و نحن كعائلة
::
اريد ان اعود , و اجد لي سقفاً , واجد تفاصيل حياتنا الماضية كلها: انانية و طماعة امام وطأة ما نُعاجل به من مشاهد لبيوت صارت اثراً بعد عين بكل ما فيها
نعم: انانية و لا اريد ان يصيب بيتي شيئاً, ولا اريد ان اخسر مزيداً ممن احب, تكفي رايان وأليس و سيلين لحرب واحدة
بدي ارجع ع بيتي: هذا فقط كل ما يتردد في رأسي و كل كياني
ارجع الي بيتي او لا ارجع: هذا رهن بقبضات الرابضين على الحمى, وبمزاجية من يوجه طياري الموت ان يرموا حقد قنابلهم
ولكن ما اريده انا هو ارجع, و سأرجع يوماً
غريب كيف تم التماهي مع معاناة فلسطين الممتدة 59 عاماً وصارت اغاني فلسطين تناسب وضع لبنان الجديد, مع فارق ان ابناء فلسطين بعد يحملون صليبهم يمضون الى حريتهم الاكيدة, و بعض اهل لبنان ضاق باقل من 33 يوم حرب
عبث: هذه الافكار من عبث حقيقي
في عز عبثية افكاري هذه, انتبه ان الشمس تطلع بعد قليل,فالفجر شقشق و انا على جلستي هذه
ازيح ما بيدي, و اعد فنجان شاي اشربه لاتقوى به على اليوم العصيب القادم
استحم في عجالة,وعلى ضوء الشمعة يصير اقل فعالية في حضرة الصباح الذي هلّ مبشراً بيوم جديد لشهداء جدد وآمال جدد و احلام تظل تعاند لتكون هي الضي, مهما طال عتم الليل
هناك تعليق واحد:
من قادم وعلى يديه مساكب الدفلى وفي عينيه عيد
ولا اشي بس بسمع في الاغنية وانا بكتب
مش عارف شو بدي احكي لانك ما بتتركي حكي، شعور مقرف بحاصرني هاي الفترة، المقرف في الموضوع مش اني بدي اسافر واترك بيتي واهلي ، ومش رح احكيلك شو يعني بيتي واهلي واصحابي والسهر في المقبرة لوجه الصبح والضحك لما ييجي الجيش في الليل ونضربنلنا حجرين ونشرد، بس المقرف في الموضوع اني طالع بكامل ارادتي وبحجم ما انا محتاج اني اطلع واهرب من المحيط اللي بعشقو وبكرهو بحجم ما انا مقهور لاني طالع من هذا المحيط،
بقدر ما انا محتاج للسفر بقدر ما انا حابب يرجعوني عن الحدود ويحكولي ممنوع من السفر، .....!!؟؟؟ مش عارف
ودمتِ
إرسال تعليق