ليحي ابو صافي


نخب مرفوع برسم الحزن القادم


مر عام يا صديق


عام على معرفة خاطفة سريعة ازهرت بيننا حكي و صداقة امتن من المسافة و اوسع من ان نحكيها بكلمات
ولأنها الذكرى ايها الجميل روحاً كما لا مجال ولا مكان للتشكيك,لأنها الذكرى: ارفع لعينيك البعيدتين عن هذا المكان نخباً لكل شيء كان, لكل ما سيأتي من لحظات يعجز فيها الحكي و يحل الصمت عميقاً جارحاً صافقاُ بوجه بلاغتنا ابواب الكلام.


وهي صور, مدينة تتمنى ان يعتقها الازرق من بعض احتمالاته: الخير و الخراب, الزلازل والمواسم, الاغاني و كل ما قد تحبل به الامواج.


صور تتكئ على حافة البلاد_او حد البلاد, او على طرف الما بين بين مما هي فعلا البلاد بالنسبة لي_ و تطل عليها عن بعد ليس كثير و تطلق اهاتها في مدى مستحيل على اللقى, وكذلك عصي على كل المرصود على اسم الهجرات من فراق.
وصور تستجدي فرح العابرين و المقيمين: نوارسا وقوارب جنى, مغتربين و نازحين الى فئ صيفها البديع وتغني لسهر تشتاقه ولا يأتي


"الدنيا اجت ع موعدها و انت بعد ما جيت"


اسمع كلمات الاغنية التي تحكيني, اشعرها كلماتي التي لا يعرف كيف يحكيها قلبي بصوت اخر, قلبي انا, ناطورة الذكريات وسادنة هيكل الانتظار التي تحرس الحكايا من النسيان. قلبي المحكوم بالامل و الانتظار و الحب المستحيل الذي يبتلعه دوماً بحر ما: من ماء الاحتمالات او من صمت البعاد او من سكاكين الفراق.


احول وحي الى بحر اخر:المقبرة بحر من اخر موت و حياة.


كل هذه الشواهد الخرساء لكل اولئك الناس الاحبة والغرباء,كل هذا الموت اذن. اللعنة: صمتهم اكبر من ان اطيق جهلي به.


وكل هذا الاخضرار! أمن جثامينهم يتغذى نسغ كل هذي النباتات فتخضر و تنمو اكبر هكذا؟ أمن تحلل ارواحهم هم تخضر ارواح النباتات فتتوحش في التعالي و التمادي جمالاً و تلوناً بكل هذي الاشكال الفذة الابداع؟


الموت و الحياة هنا ايضاً, يجتمعان على تلة هي الاجمل و الاعلى في صور, بالزبط على كتف جرف تنمو في حضنه قصص الحضارات الغابرة و حكايات الموج لشاطئ تحت قدميه كنوز التاريخ واحتمالات الخرافيات التي تنوء برهبة وقعها هذي المدينة.


ماذا لو حكت هذي الاحجار التي تملأ صورة المكان في عيني وفي الذاكرة؟

اي حكايا ستفور بها سماء المدينة و يعجز عن تحملها بحرها؟


في حضرة كل هذي الحجارة التي فيها حكي كثير و غزير, ولا كلام, في حضرة اسرارها المدفونة معها اشعر بالضآلة و بحاجة ناهشة للهروب مني الى مساحة اخرى تخفف عن روحي وقع ارتطام الذاكرة بصوان الحاضر.


أغمض قلبي على شهقة وجع لا اعرف كيف اداريه بعد. أفكر بما قد يريحني, أحد الاحتمالات هي ان أقول لي: قد أكلم يحي الليلة.


وفي الليلة, حين يتسيد هلال وليد سقف عالمي,احمل سماعة هاتفي و ابحث في الاسماء و الارقام عنك. للحظة افكر: ماذا اقول له؟


سأسألك عن الحال و محروسة قلوبنا القاهرة, وستجيب .ثم ستنفذ الى عمق الاشياء مهما حاولت ان اغطيها.


ستسأل باهتمامك الفارع كطولك"مبسوطة؟" واعلم انك ستنتظر جوابي الصادق, لا المعد سلفاً ككليشيه لصد بقية الاسئلة التي قد تنتج عن الاجابة الحقيقية الوحيدة. و سيكون علي ان أقول لك اني لست افهم بعد.


لقد مضى عام وحسب على معرفتنا, ومضى العمر على معرفتي بلعبة الحياة و الموت. مضى العمر في رفض الاقتلاع و محاولات الانزراع في التربات الغريبة.مضى العمر في حب صور المشروط دوماً بالحنين لحيفا لا اعرفها. مضى العمر ولا زلت لا استطيع ان افهم, فكيف بجواب "نعم او لا"عن سوأل قوامه كلمة سنفكك اسرار العالم و نوغل فيها حكيا و شرحا و محاولات فهم حتى نأتي على بعض حيرات السوأل؟


لذا, فحين سيأتي الليل و تهبط الليلة بكل تفاصيلها على المدينة, سوف انزوي عنك بصوتي وسأفكر بحاجتي ان احكي كل ما في داخلي بصدق ذات حضور. لقد باتت تؤلمني جليدية الهواتف, وللحقيقة يا يحي: انا بحاجة لحضن دافئ يمسح عن روحي برد وحدتها المختارة بعناية قاتلة.

ايها الغالي: ذات احتياج اتفقنا ان بكرا احلى, احتاج ان اصدق انه كذلك. احتاج ان اصدق ان الدنيا قد تصدق في موعدها و ان كل من غادروني , قد يعودون الي بطريق اخرى تجعلني لا افقد ايماني الطفولي بصدق وعدهم المستحيل.

الدنيا لم تأتِ على موعدها, كاذبة الاغاني و قلبي الصغير يغاوز في اعلان اكتفائه من خبل الدنيا, ويلف وجهي نحو البحر و يقول وعداً بالمجئ الى ارض ترضعنا الاحلام و الامل والعناد اللازم لكسر المستحيل.

هذا القلب يا يحي يعرف ان الاحزان بلا شك قادمة, وان بكرا سيمر بألف اه واخ حتى يكون فعلا احلى. حتى الغد الذي سيمرمر حلاه ايامنا سيتعتق فيها الفرح المرير: ليكن نخبنا هذا, سلام روح لروح لا تُرى على المسافة نخباً لفجر جديد. وتُحس بكامل العمق اللازم كي تحلي ما قد يأتي من مرارة اي وكل يوم بعد.

نخبك يا رفيقي, نخب حزننا القادم

هناك ٤ تعليقات:

adoola يقول...

ملاك مش ضروري الواحد يحكي مشاعرو على مدونة لانو ساعات الصمت كلام وعلى فكرة حرام واحد زي يحيى كل هذا تمجيد الو ...بدل هيك اكتبي عن الاسرى المحررين واكتبي عن الي عادو لأهلهم في صناديق شهداء بدل يحيى وغيرو
مع تحياتي
الك وليحيى ابو صافي
adoola

ملاك يقول...

شاكرة مرورك وتعليقك بمدونتي, ولكني لم افتحها مدونة لاُحاكم فيها بقدر ما فتحتها نافذة انتفس من خلالها و ازفر فيها احيانا ما في روحي
لذا, فلا يظنن احد ان بإمكانه ان يملب علب ما افكر به و ما هو الاكثر اهمية في حياتي و الاوجب بالكتابة عنه

بالنسبة لك قد لا يستحق يحي او سواه هذا التمجيد, بالنسبة لي يستحقون و اكثر, فالحيلة تحديدا بالنسبة لي و لمثل يحي هي احتفال يومي و دائم بالتفاصيل, وفرصة اننا نعيشها, برغم الصعوبات المفرطة احيانا

اما بالنسبة للشهداء والاسرى, فأنت قلت ان الصمت ابلغ من الكلام احيانا, والتدوينة المباشرة قل هذه كانتا غنية شهدت تصويرها في 26 حزيران 2000 في معتقل الخيام و بوابة كفركلا, أليس في ذلك ايضاً إلتفاتة الى قضايا تصنع وجودي؟
وصداقاتي لا تقل اهمية عن القضايا التي اؤمن بها, اساسا هي قواسم مشتركة بيني وبين اصدقائي

يعني: انا مش مضطرة انوج و اجوح واتفجع و اندد بالويل و الاثبور للي هلق تذكرو الاسرى و الشهدا, واجباتي الاخلاقية والانسانية بأديها يوميا, بغض النظر لو في صفقة تبادل او غيرها (بالمناسبة, حد بيقدر يسمي اسماء 5 شهدا من الجثامين االراجعة اليوم تطهر ارضنا؟), بس بلاقي لزاما علي انو اقول لصديق غالي زي يحي انو بلحظة ما, من قلب يباس قلبي, لما مر ببالي انو يحاتي, حسيت انو بكرا احلى

يومك احلى

غير معرف يقول...

كم تبدين طائراً بديعاً،يتكئ بجناحين من حنين على حافة البلاد وأنت تكتبين ببهاءك البحري،تفاصيل الحياة ..حياتك -بمن حلو عليها..ضيوفك في القلب والذاكرة وفي أيام ستجئ..سواء كانوا شهداء،عواصم،قصائد،أصدقاء،أخبار البلاد عن البلاد.
وعلى ناصية عام قطعناه بشق النفس الطويل ..الطويل، كتبت، وكم هو جميلاً أن يكون ثمة نصيب من حرية مكتوبة عنا وقد حملنا ذات الحلم الذي حمله الشهداء(أصدقائنا الشهداء)..(وب نخب كمان!! ..يلعن سماك شو بنت حياة يا ملاك!!)ممتن لك يا رفيقة!!وفرحت لأنو فينا نحكي بحرية( وشو بيجي ببالي أغنية يا بحرية،على إعتبار إنو البحريةعلاقة بشر بيكتبوا أملهم عموجة بحر).
تحدثنا قبل ذلك يا ملاك عن المخيم وعن الكثير من العواصم ويوجد نص (مش عارف وين دسيتو بقلب أخت هالتكنولوجيا!!!)وبدور عليه إذا ليقيتو هلاء بضمنوا لحكيي هلاء)إنو ..الأعوام ما لبستنا للخوف منها،بقدر ما أضفت على قلبنا من حزن ولوعة على مقتنيات ما يفترض أننا منها ..مقتنيات ( البلاد)..وما زلنا نحفر عن أصدقاء و عواصم تحمل معنا ما ثقل من حلم( بأن نموت وأيدينا على تراب البلاد.
حلمهم أن نكون the red Indians of the 21 century،تحديناهم بالوجود (بلئم الفلسطيني الموجود في القرن العشرين وما حملت من محاولات محوه عن واجهة العالم - المتمدين- والقرن الواحد والعشرين الذي حَمّْل ما أستطاع من دمنا المنذور للبلاد،ولنتنقل بلئم فراشة تعلن عن وجودها الحر ما بين ألفيتين كي نقول أننا من التفوق الطبيعي ما يجعلنا موجودين( ونحب مع درويش الحياة ما أستطعنا إليها سبيلا)ونحب مع الشهداء الموت ما أستطعنا إليه وصولا..أيضاً!!وما حطيناش للتطهير العرقي واطي .
ومش رح أطول يا ملاك ( وأنا بكتب أطول تعليق ..بعد إذنك من باب الأدب الجم) أنو اضمن النص..أكيد لقيتوا مدحوش بأخت هالجهاز!!:-
وإذ هي ذاتي.. ثاني إثنين سري.. صوتي البعيد في أزقة المنفى،نخربش بروح ثابتة على حيطان المخيم:- سنرجع يوماً، لاح العلم الاحمر لاح، أحبك يا وطني..ولابأس -ضمن الأولويات – أن يكون لبيت حبيبة طابور مطعم وكالة الغوث- ما أطول هذا الوصف لحبيبة !- نصيب من رذاذ الكلام المعلب للحيطان.ذاتي على حائط هناك.
ولو كان ثمة تشكيل في صرة قدراتي..لرسمت ذاتي هناك:-
علمٌ على حيطاني.
طفلٌ..علمٌ..حيطان.
طفلٌ،علمٌ ..بنت الجيران.
أشتم في قرارة روحي مخيماً..تفاصيل تتسع وتضيق ببراعة برعم يخضر على غصنه. مدهشة هذي الذاكرة رغم بلادة الزمن، مفرحة وأنت تحملها كما قنديل و
تمشي بها بعد منتصف حصتك في الوقت- وكم كنت تمشي في التفاصيل-:
- بالإذن شباب.
ما من كلام!! فالكل سينصرف إلى ذاته رويداً رويداً كي يمشي في التفاصيل مثلك.. (كلٌ إلى غايته)وكان جل غايتك وغوايتك :-
مطرٌ ليلي
ليلُ سري
وتراود ذاتك عن سرها وثالثكما الليل :- تشتهي أن تستلقي بكامل سانتمراتك على وحل الطريق كي تغازل طفولة الطين بكامل غيها وتقواها( والله أنبتكم من الأرض نباتا ) كان ثمة طين هنا يالله (أصبح بهمة آبار النفط العربي –إسفلت) وقد كان يكفي -والله-لتمردك على النظافة بفهومها الوسخ.
وتشد الخطو أبعد، نحو سرك في ذاتك.
- مالك ياولد بتسابق الأبدية؟!
كانت زخات من المطر تسأل( بينما تؤدي وضيفتها الحيوية على ألواح الزينكو،وجدران (الإسبست)،كنت تتجاهل إلحاح السؤال بلؤمك الصامت،ولا تبرح تتأمل من كانوا ندامى قبل قليل،وتتمنى لهم أن يناموا باسمين،فقد كانوا (صخب البراكية) ،وسيبقون كذلك رغم إبتلاع الإسمنت للإسبست!
وتمضي في مطرك الخصوصي،ليلك الخصوصي،طرقاتك وكل مقتنياتك في البقعة..تمشي على مهل تتفقد ما نضج منها على دفء الحلم- آه من مخاتلة الحلم في أزقة المخيم- هنا كتبنا على الحيطان(سنرجع يوماً)،وهناك جارة تطل من شباك براكيتها على( الثوري) فيك!وتنظر إليها أنت بطرف خجلك عندما تومئ لك بحب مرتقب ،من طرف خجلها أيضاً،وتمضيان كل في ذاتٍ عطشى رغم زخات المطر والأماني البعيدة.
على هذا النحو تحل علي زخات من ذكرى على شكل طين..لما ينزل مطر هناك.
كان المطلق صفة الأبدية ،هناك ..والوقت هنا نسبي عندما يغزل من نسل الذاكرة فصول مطر بعيد ..وما الإبدية سوى سيدة تداعب وقتها على ساعديها،وتحذره أن يقع في شرك الغزل، كي لا تنسله بعد ذلك في متوالية الأبد.
هذا ليس كلام على سبيل الحنين لما مضى من منفى..لا ليس كذلك.
إنتهى النص .
وشكراً لك رفيقتي على تذكري في السفر ،وعلى تذكر عام على لقاء في عرس إلي (زفيتوا) من عاصمة عربية حملت مخاض أمه (على حافة نهر البلاد)..إلى هنا مصر التي يمسح بدمع الحنين للبلاد على شبابيكها صباح مساء..وحنينٌ لك وللأصدقاء ..دوماً.

ابو كنعان يقول...

كيفك يا استاذ يحيى
والله يا اخي ببحث بالصدفه على النت فشفنا هالحكي الحلو والجميل/ وان دل هذا الكلام على شيء فأنه يدل على شخص يحمل على عاتقيه وجع البلاد وآلام اللجوء مهما بعدت به المسافات وهذا ليس بغريب على يحيى ابو صافي ابن هذه القضية وصاحب التجربة الغنية بالنضال من أجل الأنسان والوطن والمخيم/ فكم انت عظيم يا ابن المخيم البار وكم نستمد منك هذه الروح الثورية الممتلئة بكل هذا الحب للوطن وان كان بعيدا.
فأنت الغائب الحاضر دوما معنا (وما تستغرب اذا صار معك وجع رجلين فهذا من كثر ما بتروح وبتيجي على بالنا)
ويا أخي لما نقعد احنا وهالشباب نتذكر ايامك الحلوة ولما كنت تيجي على البيت بالليل وتكون بكامل حيويتك برغم تعب اليوم والعمل وخصوصا لما كنت تمارس سياسة الاغراء في أيام رمضان( بصحن اللبنةوالشطة والزيتون )
ونتذكرك اكثر عندما نحتسي قهوتنا بمرافقة صوت فيروز هذا على أساس حبك المطلق لفيروز والقهوة .
ونفتقد في احتفالاتناوتضاهراتنا الوطنيةحضورك المميز لما كان لك من دور كبير في ادارة هذه الفعاليات والمناسبات التي توقظ فينا هذه المشاعر الوطنية الجميلة التي يعملون دائما على تصفيتها من قلوبنا وعقولنا.
فكم انت جميل يا يحيى عندما تذكر كل التفاصيل في المخيم والمنفى وفي النهاية نطلب منك المزيد من هذه الكلمات الرائعة باسلوبك الجميل والخاص. وتحياتي لك بالمنفى ولن تفصلنا المسافات .
الرفيق التواق دائما لرؤيتكم /اسامة صافي